الاستثمار الاستراتيجي لفرحة قطر؟

الاستثمار الاستراتيجي لفرحة قطر؟

  • الاستثمار الاستراتيجي لفرحة قطر؟

اخرى قبل 1 سنة

الاستثمار الاستراتيجي لفرحة قطر؟

بكر أبوبكر

ابتهج العربُ بفوز المغرب على البرتغال في مونديال قطر2022م، وكانت البهجة ملفوفةً بعلم فلسطين، كما شاهد الجميع ومما ذكرته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. ووصل الأمر ببعض المعلّقين الى اعتبار أن الأمة وجدت نفسها في الحدث الرياضي وعلِمت مقدار قربها من بعضها البعض نظرًا للعوامل المشتركة التي لاتزول.

ابتهج العرب واستدلّوا على موطن التقائهم الحقيقي حول فلسطين، ومَن غيرها!؟

تم ذلك رغم عوامل الفرقة التي غرسها وكرّسها الاستعماروالامبريالية بالتقسيم السياسي وتكريس مفاهيم الهيمنة السلطوية والانبهاربالغرب، وتكريسه النزعة الاستهلاكية قصيرة النظر، منعدمة القيم والقضيايا الكبرى.

ابتهجت الأمةُ بفوز المغرب ويحق لها وهي التي تنتظر منذ زمن مضى وانقضى أن تجد البهجة المشتركة، أو أي نصر ولو صغير، ووجدتها من خلال أفعال التضامن الرياضي مع فلسطين في قطر.

دولة قطر استطاعت تحقيق أهداف ثلاثة الأول تأكيدها على قيم وأخلاق المسلمين والمسيحيين المشرقيين، وقيم العرب برفض العهر والشذوذ والخروج عن مكارم الاخلاق (لم نطلب منكم أغلاق أفواهكم وإنما أن تحافظوا على أدباركم كي لا تنقرضو!) كما قال احد الشيوخ ردًا على الفريق الألماني الذي كمّ فمه بيديه انتصارًا منه للشذوذ الاخلاقي!

استطاعت دولة قطر أن تجعل من المليارات في مصلحة الفهم والقضية المحلية والعربية، رغم ما رآه الكثيرون من الاستنزاف والهدر الكبير لأموال الأمة، ما يحتاج لعميق نظر ونقد. وهي بهذه الأموال –رغم بعض الانتقادات الكثيرة-صنعت صورة جديدة بعيدة عن الصورة النمطية العنصرية للعرب والتي يصورها الإعلام الغربي-الأمريكي أمة متوحشة قاتلة إرهابية، وكأنه تناسى أي هذا الغرب المهووس منه ببياض بشرته وزُرق عينيه أن الملايين التي قتلت في أوربا في الحربين الأوربيتين (المسميتين العالميتين) كانت من صنع يديه هو فقط، كما الحال في إعدام الملايين من سكان القارة الأمريكية الأصليين، ومن بعدهم في أستراليا، وقتلهم ملايين العبيد.

استطاعت الدولة الخليجية الصغيرة الى ما سبق أن تزيل الغبار عن قضية فلسطين حينما انتفضت الجماهير لتضع صورة فلسطين على رأسها أو كتفها أو صدرها بالرموز المختلفة، وأين لمثل هذه الأمة المجروحة بكبريائها وأنفتها الغابرة أن تجد عامل لقاء أكبر وأعظم من فلسطين في دلالة على أن المناخ الإيجابي الداعم يخلق جوًا مؤازرًا وداعمًا من جهة ويخاطب في الناس والجماهير عوامل التقارب والتضامن والوحدوية.

لقد احتاجت الأمة المنتكسة ببعض أنظمتها وبالاحتلال الصهيوني الذي يفعل فعل الخنجر في الصدر أن تحقق فوزًا أو نصرًا ولو صغيرًا، وهو ما وجب استثماره وطنيًا وعربيًا في سياق تصغير الأهداف والآمال (الأهداف الصغرى) لتكون قابلة للتحقيق في المدى المنظور، وعلى طريق تحقيق الهدف الكبير الذي يجب ألا يزول من أمام العقول ويستقر في الضمائر والعقول وهو تحرير فلسطين مقدمة للوحدة العربية الحقيقية.

في مقابل البهجة العربية في قطر استطاعت المملكة العربية السعودية أن تدخل الى قلب العالم عبر عديد الانجازات المشهودة التي كان آخرها مؤتمرات القمة الثلاثة فيها ضمن العلاقات العربية السعودية وبحضور العرب عامة.

وإنه لفعل عظيم استطاعت فيه جميع دول الأمة والصين أن تؤكد انحيازها إلى فلسطين في مقابل فشل أنظمة الاستتباع للغرب المهمين، وأداته القياسية في المنطقة أي الخنجر الصهيوني.

جوّ الفرح والمرح والغبطة والسرور أو لنقل النجاحات أو الانتصارات الجزئية أو الصغيرة فعلًا هي مطلوبة. ولكن أن تقف الأمور عند هذا الحد، فهذا هو تقصيرنا الفظيع نحن الفلسطينيين ونحن العرب .

نحن مقصرون بالاستثمار إن لم تكن كل هذه الفعاليات الرياضية الهامة، ومثلها الفنية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ذات استراتيجية فلسطينية وعربية تكاملية خدمة لفلسطين.

يجب أن نفكر بعقل استراتيجي شمولي وحدوي: كيف لنا أن نحقق انتصار آخر في ميدان فلسطين التي ينهبها الاستعمار الاحتلالي الصهيوني يوميًا ويقتل فيها ما يشاء من حيوات (جمع حياة) ويتصارع على حجم الإرهاب والعنصرية والطرد بين يمين (أ) ويمين (ب) يحكم الكيان الصهيوني؟!

فلسطين التي فرِح لها العرب سواء في الرياض أو الدوحة مؤخرًا تعاني قضيتها من التجاهل العربي الرسمي غير المسبوق؟! أي بعيدًا عن البيانات والشعارات البراقة، بلا قطران!

وهي خلف آذان وخلف أبصار العالم الذي يرى بعيون الماضي ماحدث للمذابح الأوربية ضد يهود أوربا، ويعمي أو يغمض عينيه عن المذابح التي كانت، والتي مازالت ترتكب يوميًا في فلسطين!

لو حمل الرؤساء العرب علم فلسطين على الأقل! أو صورة أي من الشهداء ولنقل صورة الإعلامية الشهيدة شيرين أبوعاقلة في أي من فعالياتهم، لفهِم العالم أن فلسطين الشهادة والأسر والنضال والمقاومة حتى زوال الاحتلال هي فلسطين المقصودة، ما يعني الإقرار بأحقية هذا الشعب العربي بنضالاته حتى النصر وتحقيق استقلاله.

نحن الفلسطينيون ونحن العرب إن لم نكن قادرين على استثمار الأحداث واستثمار الانتصارات الصغيرة أو حالات التآزر والبهجة لتصبح تيارًا شعبيًا جارفًا (ثم رسميًا عربيًا) لينشط في دعم فلسطين وقضيتها وكل شؤونها وشعبها فنحن الفاشلون. وهذه الأنظمة فاشلة أو كاذبة ومخادعة ويصدق فيهم قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ {الصف:2-3}).

بمعنى آخر إن لم تكن هناك إستراتيجية حقيقية لدعم فلسطين ماليًا (لنتساءل: منذ متى والدول العربية توقفت كليًا عن دعم فلسطين ماليًا؟! وهي تصرف الأموال شمالًا وغربًا وشرقُا وجنوبًا بعيدًا عن القلب؟!)

ولدعم فلسطين سياسًا (بتبني فعلي لكل قضية جزئية وتلك الكلية) وإعلاميًا وقانونيًا في كل المحافل والميدان.

وبتبني الرواية العربية الفلسطينية العادلة ودعمها بكل السُبُل ضد الطغيان الصهيوني الإعلامي والتمدد الاستخباري-الدعائي على كل مساحة الوطن العربي، ومساحة الفضاء الالكتروني.

إن لم يكن لنا مثل هذا الاستثمار الاستراتيجي وأكثر فلن نربح من بهجتنا إلا عدم النوم ليوم أويومين، وتعود القضية في ركلة جانبية الى الخلف فندخل الهدف في ملعبنا!

لن أقبل كعربي ولن أقبل كفلسطيني إلا أن تكون لهذه الأمة شأنها بين الأمم كوحدة واحدة بأي من الأشكال التعاضدية الضرورية حتمًا. والذي كلّه أراهُ بلا قيمة حقيقية مادام القلب أي فلسطين منتزعًا من حقيقة الفعل العربي الاستراتيجي وليس التكتيكي الشعاراتي.

وإلا نحن كأمة عربية وخاصة قادنها كمن أشبعنا الفلسطينيين بالشعارات والصهاينة بالشتائم! وفاز الصهاينة بالراحلة والغنيمة!؟ أوحسب المثل العربي "أشبعناهم شتمًا وفازوا بالإبل".

إن الأمة بلا قلب لن تعيش طويلًا. مهما كانت الأجهزة الاصطناعية تفعل فعلها فلابد أن يأتي اليوم وتُطفأ الكهرباء. من هنا نقول إن فكر الأمة وعقلها المتنقل بين المشرق والمغرب العربي يجب أن يزداد احتضانًا لهذ القلب وسويدائه القدس والمسجد الأقصى.

https://baker2014.wordpress.com/

 

التعليقات على خبر: الاستثمار الاستراتيجي لفرحة قطر؟

حمل التطبيق الأن